كتب عبدالمحسن الشمري:[COLOR="Navy"]ليس عيبا ان يجرب المرء حظه في مجالات مختلفة للبحث عن ذاته، لكن العيب ان يعيش وهم النجاح، ويواصل السير عكس التيار في وقت كل المؤشرات تؤكد انه لم ينجح. وليس عيبا ان يخطئ المرء لكن العيب ان يواصل الخطأ ويكرره مرة ومرات. والفنان بطبعه يحاول البحث عن أدوار جديدة، ومجالات فنية أخرى لعله ينجح فيها، لأن الفن مجال واسع وله العديد من الصور، لكن عندما يقتحم المرء مجالا غير مجاله، فإنه يقامر، وربما ينجح اذا كان يتملك المؤهلات التي تحقق له ذلك، اما ان يقتحم مجالا لا ناقة له فيه ولاجمل، فإنه أمر يدعو إلى الغرابة ويطرح الكثير من التساؤلات، واذا ما أصر المرء على المضي قدما في المجال الذي اقتحمه وأوهم نفسه قبل الآخرين بانه ناجح، فإن ذلك أكثر غرابة، ويحتاج الى وقفة متأنية. ونستعرض هنا تجربتين مختلفتين لكنهما يتشابهان بأن كلتيهما تقتحم مجالا ليس مجالها.
الأولى المذيعة الجميلة حليمة بولند، والثانية الدكتورة المثقفة عالية شعيب.
فوازير حلمية
حليمة بولند مذيعة جميلة وذكية حققت نجاحا غير مسبوق على الساحة الخليجية، وتحولت الى ظاهرة لعدة عوامل من بينها جمالها، وذكاؤها وموهبتها وقدرتها على التواصل الايجابي مع وسائل الإعلام، وعدم وجود مذيعة منافسة لها، وبعد سلسلة النجاحات التي حققتها تحولت إلى 'نجمة' وهي صفة لم تحققها مذيعة من قبل، وبعد ان عملت في التقديم والاعلان والعديد من الأنشطة عبر الموبايل اقتحمت مجال الفوازير وأوهمت نفسها انها النجمة الجديدة في مجال تقديم الفوازير.
الفوازير تحتاج إلى مؤهلات أخرى غير الجمال والدلع الذي تتمتع بهما حليمة، والفوازير تحتاج الى ممثلة بالدرجة الأولى ممثلة قادرة على التنويع في ادائها، اي تحتاج الى ممثلة شاملة، تتحرك، تغني، تؤدي، تستعرض، وهي أمور بالتأكيد لا تتوافر في المذيعة الجميلة حليمة بولند، لذا قدمت الفوازير بلا روح، وكان اداؤها أقرب الى الاداء الآلي الذي يفتقد الى الاحساس والتعبير والاندماج والتعايش مع الشخصيات.
ليس عيبا ان تفشل حليمة بولند في مجال ليس مجالها، وعليها ان تصغي إلى المنطق والعقل وتقيم أداءها بعيدا عن المكابرة، عليها أن تصغي إلى صوت العقل قليلا لتجد انها لم تقدم ما كان كثيرون يتوقعونه من مذيعة جميلة اقتحمت مجالا لا تملك السلاح للمضي فيه.
آراء عالية
عالية شعيب امرأة عصامية تابعتها منذ سنوات طويلة تبحث عن ذاتها، وتريد أن تحقق النجاح. وهي تمتلك كل المقومات التي من شأنها أن تساعدها في مسعاها، كتبت في الأدب فكتبت القصة القصيرة والقصيدة والرواية وأصدرت عددا من الكتب في هذا المجال وجربت الرسم والتشكيل ولها لوحات عدة. طرحت آراء جريئة وأحدثت ضجة، ارتدت الحجاب ثم خلعته، تقوم بالتدريس في الجامعة، باختصار هي تتحدث عن ذاتها. وهو أمر محمود. ويحسب لها أنها تجرب وتجرب من دون كلل أو ملل.
عندما اقتحمت مجال التمثيل وشاركت في بطولة مسلسل 'الوزيرة' فإنها اقتحمت المجال الخطأ لأنها وحسب ما شاهدنا من لقطات لا علاقة لها بالتمثيل، لا من قريب ولا من بعيد وليس عيبا أن يفتقد المرء موهبة التمثيل، أو الغناء أو الرقص لكن من الخطأ أن يوهم نفسه بذلك. نعتقد ان عالية شعيب دخلت مجالا غير مجالها وعليها أن تراجع نفسها قبل المضي في هذا الطريق، وعليها أن تخوض في المجال الذي تجيده وتواصل عصاميتها ونشاطها ولكن بعيدا عن التمثيل.
أخيرا.. ليس العيب أن يخطئ المرء لأن كل البشر خطاؤون لكن من العيب العيش في وهم النجاح في مجال لا يجيده المرء ولم يقدم فيه ما يكشف عن نجاحه.